[justify]
. ورغم ذلك، فان الدولة الايرانية المستقلة لم تقم الاّ في عهد الصفويين الذين اطلقوا على امبراطوريتهم تسمية مملكة ايران المحروسة. وفي العهود المتتالية «زندية» و«افشارية» و«القاجار» بينما ، بيد ان المؤرخين اليونانيين مثل «هيرودوت» و«غزنفون» ممن كانوا يكرهون الايرانيين، لم يعترفوا بامبراطورية ايران وظلوا يسمون ايران «مملكة فارس». وبعد سيطرة الاسكندر المقدوني على ايران، اختفى اسمها لمدة اربعة قرون كاملة في فترة حكم السلوكيين أي اسكندر واخلافه من المقدونيين واليونانيين الذين حكموا ايران. ومن ثم جاء الدور لقبائل «بارت» التي انشأت الامبراطورية الاشكانية. وكانت ايران خلال عهد الملوك الاشكانيين دولة مؤلفة من عشرين كيانا وكان الامبراطور يدعى «شاهنشاه» أي ملك الملوك. ومرة اخرى ظهرت كلمة ايران في بعض النصوص والالواح الحجرية. وحينما استولى الساسانيون على الحكم باتت كلمة ايران عنوانا للشعوب الآرية (من الجنس الآرى)، بينما كانت هناك شعوب اخرى عاشت تحت مظلة الامبراطورية الفارسية مثل العرب والتاجيك والهنود والرومان. وبعد الاسلام كان فضل عودة كلمة «ايران» الى الواجهة، يعود الى الشاعر الحماسي الايراني صاحب ملحمة الـ«شاهنامه» ابو القاسم الفردوسي الذي ذكر اسم ايران قبل اكثر من الف سنة مرارا في ملحمته الـ«شاهنامه» على لسان ابطاله مثل البطل الاسطوري رستم والامير سياوش والامبراطور جمشيد. وبالنظر الى ان الحكومات التي تولت السلطة في ايران بعد الاسلام كانت مرتبطة ببغداد حيث مقر الخلافة، كما كان لها طابع محلي مثل الغزنويين في خراسان وبلوشستان والسامانيين في ما وراء النهر والديالمة في طبرستان وآل بويه في شمال أصفهان وشيراز، فان اسم ايران قلما يُذكر إلا في قصائد الشعراء وكتب المؤرخين. ومن ثم جاءت فتنة المغول والتيموريين التي رغم ضراوتها لم تتمكن من تغيير معالم الحياة والثقافة الايرانية، بل ان الايرانيين هم الذين استطاعوا بفضل وجود كتّابهم ووزرائهم في بلاط اولاد جنكيز وتيمور فرسنة المغول، بدرجة ان اولجاتيو حفيد جنكيز اطلق على نفسه السلطان محمد خدابنده كانت كلمة ايران تمثل مجموعة من المناطق الخاضعة للحكم المركزي بغض النظر عن السلالة التي كانت تحكم المناطق المذكورة، فان كل ولاية تابعة للحكم المركزي احتفظت باسمها وهويتها. بمعنى آخر ان النظام الفيدرالي كان مطبقا في ايران المحروسة بحيث كانت ايران تضم مملكة خراسان ومملكة عربستان (خوزستان) ومملكة أذربيجان ومملكة بلوشستان ومملكة فارس ومملكة كردستان، وحكام هذه الولايات كانوا يزوّدون الحكم المركزي بجنود في حالة قيام الحرب وبالمال (الضرائب). وبوصول رضا خان (مؤسس الدولة الحديثة في ايران) الى الحكم في بداية القرن الماضي، تغيرت الصورة اذ ان رضا خان خلال الفترة التي كان يتولى فيها وزارة الحرب ومن ثم رئاسة الوزراء تمكن من فرض سيطرة الحكم المركزي على جميع الاقاليم والولايات بقوة، بحيث انهى الاستقلالية النسبية لحكام الولايات، وحول الحكام الى موظفين معينين من قبل وزارة الداخلية. وحينما جلس على عرش الطاووس عقب عزل آخر ملوك القاجار احمد شاه من قبل البرلمان، اطلق رضا شاه على نفسه اسم «رضا شاه ملك ايران» وقد اصدر بعد فترة حكما تم ابلاغه لجميع الدول الصديقة لايران بان استخدام كلمة فارس Persia في تسمية ايران ممنوع، وان الحكومة الايرانية لن ترد على الخطابات التي تشير الى ايران بكلمة فارس، التي اشتق منها «فارسي»، وهي لغة اهالي ايران، وفارس هي احدى محافظات جنوب ايران.